في خطوة تعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين المغرب ومصر، أعلنت مصادر رسمية عن اعتزام 30 شركة صناعية مصرية إطلاق استثمارات صناعية جديدة في المغرب خلال السنوات الثلاث القادمة. وتُعد هذه المبادرة مؤشرًا واضحًا على جاذبية المناخ الاستثماري المغربي، خاصة في ظل التحفيزات المقدمة من الدولة المغربية في إطار السياسة الصناعية الوطنية.
الصناعة المصرية تتجه نحو المغرب
تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية توسع الشركات المصرية في الأسواق الإفريقية، حيث ترى العديد من المؤسسات الصناعية في المغرب بوابة استراتيجية نحو أوروبا وإفريقيا بفضل موقعه الجغرافي المتميز، واستقراره السياسي، وجودة بنيته التحتية الصناعية.
وستشمل هذه الاستثمارات مجالات متنوعة من الصناعات التحويلية، مثل الصناعات الغذائية، والكيماويات، ومواد البناء، والنسيج، والإلكترونيات، ما يعزز من تنوع النسيج الصناعي المغربي ويخلق فرصًا جديدة للشراكة الصناعية جنوب-جنوب.
المغرب وجهة جذابة للاستثمار الصناعي
يُعزى اهتمام الشركات المصرية بالمغرب إلى عدة عوامل، من بينها:
التحفيزات الضريبية والتسهيلات الإدارية التي تقدمها الحكومة المغربية للمستثمرين الأجانب.
توفر المناطق الحرة الصناعية مثل “طنجة المتوسط” و”القنيطرة الصناعية” التي توفر بيئة أعمال متقدمة.
دعم الدولة المغربية لمشاريع الصناعة الخضراء والمستدامة، وهو ما ينسجم مع التوجهات العالمية.
كما يندرج هذا التوجه ضمن الرؤية الاقتصادية التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى جعل المغرب منصة صناعية وتصديرية متقدمة على مستوى إفريقيا والبحر المتوسط.
فرص الشغل ونقل التكنولوجيا
من المنتظر أن تسهم هذه المشاريع في خلق آلاف مناصب الشغل في عدة جهات مغربية، خاصة في المناطق التي تعرف دينامية صناعية قوية مثل الدار البيضاء، الرباط، القنيطرة، فاس، وطنجة. كما ستسهم في نقل التكنولوجيا الصناعية، وتطوير المهارات المحلية من خلال الشراكات التكوينية بين الفاعلين الصناعيين والمهنيين المغاربة والمصريين.
تعاون اقتصادي متزايد بين المغرب ومصر
تندرج هذه المبادرة ضمن تعزيز التعاون الاقتصادي المغربي المصري، الذي عرف في السنوات الأخيرة تطورًا ملموسًا من خلال ارتفاع المبادلات التجارية، وتنظيم منتديات استثمارية مشتركة، وتوقيع اتفاقيات تعاون متعددة.
وقد عبّر عدد من المسؤولين الاقتصاديين في البلدين عن أهمية تطوير هذا التعاون ليرتقي إلى مستوى التكامل الاقتصادي، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة والحاجة إلى شراكات إقليمية فعالة.
أهمية هذه الاستثمارات في السياق الإقليمي
تأتي هذه الخطوة في وقت يعرف فيه الاقتصاد المغربي تحولًا نوعيًا نحو التصنيع والتصدير، مستفيدًا من اتفاقيات التبادل الحر، وتطور البنيات التحتية مثل ميناء طنجة المتوسط، وشبكات النقل الطرقي والسككي، مما يجعل المغرب نقطة جذب استراتيجي للمستثمرين الإقليميين والدوليين.
كما أن دخول شركات صناعية مصرية إلى السوق المغربي يعزز الدينامية الاستثمارية الإفريقية المشتركة، ويفتح المجال أمام استثمارات مشتركة تُوجّه إلى أسواق دول الساحل وغرب إفريقيا.
توقعات مستقبلية مشجعة
يتوقع خبراء الاقتصاد أن تساهم هذه الاستثمارات المصرية في:
رفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب.
تعزيز التكامل في سلاسل القيمة الصناعية على المستوى الإفريقي.
تطوير صناعات موجهة للتصدير نحو أوروبا وأمريكا اللاتينية.
دعم التنمية المجالية من خلال توجيه الاستثمارات إلى جهات مغربية صاعدة.
تشكل مشاريع الشركات المصرية الصناعية في المغرب خلال السنوات الثلاث المقبلة نموذجًا ناجحًا للتعاون الإفريقي المشترك، وتسهم في تعزيز النهضة الصناعية المغربية، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وخلق فرص شغل مستدامة.
هذا التوجه يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المغربي، ويؤكد نجاح السياسات الحكومية في جعل المغرب أرضًا واعدة للاستثمار الصناعي والتكامل الإقليمي.